الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
انتخابات صوماليلاند الرئاسية والحزبيةأدلى الناخبون في جمهورية صوماليلاند المعلنة من طرف واحد بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والحزبية ليوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني، يتنافس فيها ثلاثة مرشحين ونوابهم على منصب الرئيس ونائبه، وعشر جمعيات سياسية من بينها الأحزاب السياسية الحالية على نيل الاعتراف القانوني، لتصبح أحزابا لمدة عشرة أعوام مقبلة.
شهدت لجان الاقتراع إقبالًا كثيفًا من الناخبين/ ات من مختلف الفئات العمرية، ما دفع باللجنة الوطنية للانتخابات إلى تمديد مواعيد إغلاق العديد من المكاتب، لتمكين الناخبين المسجلين المقدر عددهم بنحو 1.2 مليون مواطن من المشاركة، قبل أن تشرع في فرز الأصوات في عدد من اللجان، على أنّ تُعلن النتائج الرسمية خلال الأسبوعين المقبلين.
يتنافس المرشحون للفوز بولاية رئاسية (الرئيس والنائب) مدتها خمس سنوات، في عملية اقتراع من جولة واحدة، يفوز فيها متصدر النتائج. المرشحون الثلاثة هم، الرئيس الحالي موسى بيحي عبدي عن حزب كولميه الحاكم، ومحمود حسن سعد نائبا له بدلًا من عبد الرحمن الزيلعي الذي يشغل المنصب منذ 2010، والذي أعلن دعمه لمرشح الحزب الوطني المعارض "وداني" عبد الرحمن عيرو ونائبه محمد علي عبدي. بدوره دفع حزب العدالة والرفاه المعارض "أوعيد" بمرشحه الثابت، منذ انتخابات 2003، فيصل علي ورابي وعبد الرشيد دعاله نائبا له.
بدعوة من اللجنة الوطنية للانتخابات شارك العديد من الصحفيين والمنظمات والسفراء المعتمدين لدى مقديشو في مراقبة الانتخابات، وحظي الاقتراع بمتابعة من العديد من المسؤولين السابقين في الإدارة الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منهم مساعد وزير الخارجية السابق للشؤون الأفريقية تيبور ناغي، الذي غرد عبر منصة إكس "أطيب التمنيات لشعب وحكومة أرض الصومال في الانتخابات التي ستجري اليوم. الدولة الصغيرة القادرة تمثل السمات التي يقدرها العالم الليبرالي، لكن للأسف لا يمتلك الشجاعة للاعتراف بها رسميًا حتى الآن".
تنقسم صوماليلاند إلى ستة مناطق، هي: مرودي جيح والساحل وأودال وتوغدير وسول وسناج، تضم 1.27 مليون ناخب مسجلين في القوائم الانتخابية، موزعين على 2637 مكتبا انتخابيا. مرت الاقتراع في أجواء سلمية ومنضبطة، بحسب المراقبين، على الرغم من المخاوف التي أُثيرت بسبب تسجيل مخالفات خلال الحملات الانتخابية، كان منها مشاركة أفراد يحملون السلاح في إحدى مسيرات الحزب الحاكم، والاحتكاك بين مؤيدي الأحزاب المتنافسة، ما دفع باللجنة الوطنية للانتخابات إلى تغريم الحزب الحاكم، وإلغاء المسيرات الحزبية الليلية في العاصمة ومناطق أخرى.
يحوز حزب كولميه الحاكم منصب الرئاسة، منذ فوز أحمد محمد سيلانيو في انتخابات 2010، وخلفه الرئيس الحالي موسى بيحي في انتخابات 2017. شهدت البلاد في عهد الحزب تعطيل الاستحقاقات الانتخابية عن مواقيتها الدستورية، حيث عُقدت الانتخابات بعد عامين من التأجيل.
يعتبر طول أمد حزب كولميه في الرئاسة أحد العقبات أمام بيحي للفوز بولاية ثانية، حيث يتطلع الناخبون إلى التغيير بعد 14 عامًا شهدت خلالها البلاد اضطرابات سياسية وأعمال عنف، وتراجعا في الحريات، واعتقال شخصيات بارزة في المعارضة. فضلًا عن الاستياء الشعبي جراء تراجع الأوضاع المعيشية. بالإضافة إلى إخفاق بيحي في تحقيق وعده بنيل الاعتراف الدولي بعد توقيع مذكرة التفاهم مع إثيوبيا، وسوء إدارة الأزمة في لاسعانود.
في سياق متصل، ينصّ دستور صوماليلاند على أنّ "عدد الأحزاب السياسية يجب ألا تتجاوز الثلاثة"، ويوضح قانون "تنظيم الجمعيات والأحزاب السياسية"، لعام 2011، آليات تطبيق ذلك، من خلال عقد انتخابات الجمعيات السياسية كل عشرة أعوام.
تتأهل الجمعيات الثلاث التي تصدرت الانتخابات، لتصبح أحزابا سياسية مُعترفا بها، ويكون لها الحق الحصري في التنافس في كافة الاستحقاقات الانتخابية. وهذه الأحزاب المُعترف بها منذ عام 2012، هي: حزب التضامن الحاكم "كولميه"؛ ذي التوجهات اليمينية الليبرالية، وحزب العدالة والتنمية "أوعيد" القريب لليسار الاجتماعي، والحزب الوطني "وداني" صاحب التوجهات القومية الشعبوية المحافظة.
يعتبر حزبا أوعيد وكولميه من أطول الأحزاب السياسية عمرًا، منذ تأسيسهما في 2001 و2002 على التوالي، فقد شاركا في أول انتخابات أحزاب شهدتها البلاد عام 2001، وانضم إليهما حزب وداني بعد تأهله في انتخابات 2012.
تواجه الأحزاب القائمة منافسة شديدة من سبع جمعيات سياسية، منها جمعية التحالف من أجل المساواة والتنمية المعروفة بـ كاه ( (KAAH، وهورسيد (HORSEED). يتصدر حزبا كولميه ووداني المنافسة على الانتخابات الرئاسية بين موسى بيحي وعبد الرحمن عيرو، وكذا المنافسة في انتخابات الأحزاب من خلال عقد تحالفات سياسية مع الجمعيات، كما في تحالف كولميه مع Horseed,Hilaac، وتحالف وداني مع (Kaah, Barwaaqo, Talo-Wadaag, Shacabka, and Rejo).
تعتبر انتخابات الجمعيات السياسية نمطا فريدا من نوعه، فهو غير معروف خارج صوماليلاند. يهدف هذا النظام الذي يتم تجديده كل عشر سنوات، بحسب اللجنة الوطنية للانتخابات، إلى "تعزيز الاستقرار السياسي والحد من التشرذم ومنع انتشار الأحزاب العديدة التي قد تؤدي إلى الجمود السياسي أو الفوضى السياسية". من جانب آخر، تنتقد أصوات عديدة حصر الأحزاب الرسمية بثلاثة فقط، وتطالب بتعددية سياسية مفتوحة تمنح فرصة أكبر للجميع للتعبير عن تطلعاتهم السياسية والمساهمة في إدارة البلاد.
وفقًا لذلك، هناك سيناريوهان لشكل الحياة السياسية بعد هذه الانتخابات؛ الأول، أنّ تحتفظ الأحزاب الثلاثة الحالية بالمراكز الأولى دون تغيير. والثاني أن يفقد حزب أو أكثر الصدارة، وتحلّ جمعية سياسية جديدة أو أكثر محلهم، وفي هذه الحالة، فإنّ أعضاء مجلس النواب عن الحزب الخاسر سيكون عليهم التسجيل في واحد من الأحزاب الثلاثة الفائزة.
جدير بالذكر أنّ المرشحين الثلاثة سبق وخاضوا المنافسة في 2017، وفاز بيحي في الانتخابات السابقة بأكثر من نصف أصوات الناخبين الصحيحة، وتبعه عبد الرحمن عيرو بنسبة 40.7 ٪، ثم فيصل علي ورابي بـ 4.1 ٪ فقط.
تشير التوقعات إلى انحصار المنافسة في الانتخابات الرئاسية بين بيحي وعيرو، ويرى العديدون في هذا الأخير فرصة للتغيير، وإنّ لم يسلم من الانتقادات التي وُجهت لجميع الطيف السياسي، مثل توظيف القبلية، وتعظيم المصالح الضيقة على حساب الصالح العام.
من منظور أوسع، تمثّل الانتخابات اختبارًا لمدى تجذر الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة في صوماليلاند، وتأتي في ظروف إقليمية ودولية مضطربة، وفي ظل خلافات شديدة مع الصومال الفيدرالي. ما يجعلها تحظى بمتابعة واسعة من العديد من المراقبين الإقليميين والدوليين، كما أنّ نتائجها ستنعكس على الجوار الإقليمي، خاصة في ظل اختلاف مقاربتي بيحي ومنافسه عيرو حيال السياسة الخارجية.