تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الخميس 21 نوفمبر 2024

  • facebook
  • x
  • tiktok
  • instagram
  • linkedin
سياسة

التنافس على رئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي

21 نوفمبر, 2024
الصورة
Candidates
Share

ينحصر التنافس في انتخابات رئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي بين أربعة مرشحين من دول شرق أفريقيا، وهم: الكيني رايلا أودينجا، والجيبوتي محمود علي يوسف، ومن موريشيوس أنيل كومارسينغ جايان، ومن مدغشقر ريتشارد راندريماندراتو. يعتبر أودينجا ويوسف أبرز المرشحين والأوفر حظًا، ومن المرجح أنّ يكون أحدهما الرئيس المقبل للمفوضية، لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ستكشف الانتخابات التي سُتجرى خلال انعقاد مؤتمر القمة المقبل، في فبراير/ شباط 2025، عن نفوذ دول المرشحين داخل المنظمة التي تضم في عضويتها 54 دولة، ويحتاج المرشح أصوات ثلثي الأعضاء للفوز من الجولة الأولى أو الأغلبية في الجولات التالية.

أربعة مرشحين

اختتمت المفوضية تلقي طلبات الترشيح الرسمية في السادس من أغسطس/ آب الماضي بشأن انتخابات الرئيس والنائب وأربعة من المفوضين الستة، وسيكون الرئيس من إقليم شرق أفريقيا، وفقًا لنظام المداورة المتبع منذ إصلاحات الاتحاد التي تم تبنيها في عام 2021، على أنّ يكون النائب من إقليم شمال أفريقيا.

يتنافس المرشحون على المناصب الستة التالية، وهي، رئيس المفوضية، ونائب الرئيس، ومفوض التنمية الاقتصادية والسياحة والتجارة والصناعة والتعدين، ومفوض الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة، ومفوض الصحة والشؤون الإنسانية والتنمية الاجتماعية، ومفوض التعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار.وفقًا لقوانين المفوضية يتعين أنّ يختلف جنس الرئيس ونائبه، فإذا كان الرئيس رجلًا فيجب أنّ يكون النائب امرأة والعكس، ومع اقتصار الترشح لمنصب الرئيس على الرجال، بعد انسحاب المرشحة الصومالية فوزية حاج آدم يجب أنّ تشغل امرأة منصب النائب.

يعتبر رئيس المفوضية بمثابة الرئيس التنفيذي والممثل الشرعي للاتحاد والأمر بالصرف للمفوضية. يترأس كافة اجتماعات ومداولات المفوضية، ويتخذ التدابير لتعزيز وترويج أهداف ومبادئ الاتحاد وتعزيز أدائه، وتوطيد التعاون مع المنظمات الأخرى، ويتعاون مع لجنة الممثلين الدائمين في إعداد الميزانية والحسابات، وتعيين العاملين والاضطلاع بالمسؤولية الكاملة المتعلقة بالشؤون الإدارية والمالية.

يشغل التشادي موسى فكي محمد المنصب منذ انتخابه في 2017، وفاز بدورة ثانية في 2021، وهو أطول الرؤساء في المنصب، منذ إجراء أول انتخابات في 2003، بعد تأسيس الاتحاد الأفريقي بديلا لمنظمة الوحدة. تأتي الانتخابات في وقت تشهد فيه القارة العديد من الصراعات المسلحة والانقلابات العسكرية، وتفاقم الأزمات الإنسانية، كما يتعين على الرئيس القادم الدفع نحو قضايا الإصلاح المؤسسي، من أجل زيادة فعالية وكفاءة مؤسسات الاتحاد. أيضًا، يمثّل وجود رئيس من شرق أفريقيا للمرة الأولى على رأس المفوضية فرصة كبيرة لتعزيز حضور قضايا الإقليم، خاصة الأوضاع الأمنية والتوترات السياسية في القرن الأفريقي، والقضايا الأمنية في موزمبيق والصومال والسودان.

أودينجا في مواجهة يوسف

يعتبر السياسي الكيني رايلا أودينجا من أبرز المرشحين لمنصب رئاسة المفوضية، ويبلغ من العمر 79 عامًا، وحال فوزه سيكون أكبر شاغلي المنصب سنًا. لدى أودينجا سجل سياسي حافل، فهو واحد من أبرز الساسة في العقدين الأخيرين في كينيا، وترشح لخمس مرات على رئاسة البلاد دون أنّ يحالفه الحظ، وشغل منصب رئاسة الوزراء في الفترة من 2008 إلى 2012. كما يحظى بدعم كبير من خصمه السابق والرئيس الحالي للبلاد وليام روتو الذي يعول على فوزه لمساعدته في جهود قيادة الإصلاح المؤسسي داخل الاتحاد التي يتولى قيادتها، منذ قمة فبراير/ شباط 2024 الماضي، خلفًا للرئيس الرواندي بول كاغامي الذي حمل المهمة منذ عام 2016.

يأتي محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي منافسا قويا وفائزا محتملا، ويعتبر الوحيد من المرشحين الأربعة الذي يشغل منصبًا رفيعًا، بينما يحمل منافسوه صفة مسؤولين سابقيين. يبلغ يوسف من العمر 59 عامًا، وهو في منصب وزير للخارجية منذ عام 2005، ويحظى بدعم غير محدود من الرئيس إسماعيل عمر غيله.

مقارنة بأودينجا ويوسف تبدو حظوظ أنيل كومارسينغ جايان مرشح موريشيوس وريتشارد راندريماندراتو مرشح مدغشقر ضعيفة، ففيما يبذل الأولان جهودًا كبيرة مدعومة بدولتيهما لحصد الأصوات على مستوى القارة، يبدو الأخيران أبطأ في تحركاتهما.

تختلف مقاربتا أودينجا ويوسف في سعيهما للفوز بأهم منصب في الاتحاد الأفريقي، كما تختلف مجموعة البلدان التي من المتوقع أنّ يحظى كلا منهما بدعمهم. يقدم الأول نفسه كواحد من تيار الوحدة الأفريقية أو البان آفريكانيزم (Pan-Africanist)، مستندًا على إرث والده الزعيم الأفريقي جاراموجي أوجينجا أودينجا. وعلى الأرجح يحظى أودينجا بدعم من دول تنزانيا وأوغندا وجنوب السودان التي حضر قادتها حفل الإعلان الرسمي لترشحه، برعاية الرئيس روتو. حضر الحفل إلى جانبهم رئيس وزراء بوروندي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية في رواندا وشخصيات أفريقية بارزة.

يولي أودينجا بخلاف منافسيه اهتمامًا كبيرًا للإعلام، وللتعريف ببرنامجه الانتخابي، حيث شارك في فعالية ونقاش مع وسائل الإعلام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في حفل إعلان برنامجه الانتخابي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. كما ينفرد ببرنامج شامل منشور على موقع إلكتروني خاص بحملته. في المقابل، يتبع منافسه الأبرز محمود علي يوسف مقاربة تركز على ضمان أصوات الدول، فهو أقل في الظهور الإعلامي للحديث عن ترشحه، ولم يعقد فعاليات على غرار أودينجا، ويصفه البعض بـ"الرجل الهادئ"، وربما يعود السبب إلى كون التصويت قاصرًا على ممثلي الدول، وليس الشعوب كحالة الاتحاد الأوروبي.

لم تكن أعين جيبوتي ومرشحها ببعيدة عن خطوات أودينجا، فقام الأول بجولة شملت دولًا شاركت في حفل الإعلان عن الأخير، فزار جنوب السودان وأوغندا، لكن على ما يبدو لم يكن موفقًا، حيث أعلن الرئيس الأوغندي عن دعمه الثابت لأودينجا. ولئن كانت حظوظ كينيا أوفر في مجموعة شرق أفريقيا (EAC) وإقليم جنوب القارة والدول الناطقة بالإنجليزية (Anglophone)، فلدى جيبوتي تأييد بين مجموعة الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة الدول الإسلامية والاتحاد الأفريقي، وعددهم 27 دولة، ومجموعة الدول الناطقة بالفرنسية (الفرانكوفونية).

آمال كبيرة وواقع محدود

لا تختلف رؤيتا أودينجا ويوسف كثيرًا فيما يريدان تقديمه للقارة، فكلاهما يتحدث عن الإصلاح المؤسسي والأمن والاستقرار والفقر والشباب والمرأة. يركز أودينجا على عدة عناوين رئيسة، وهي: تنشيط التجارة بين البلدان الأفريقية والتحول الاقتصادي والاستقلالية المالية والمساواة والإنصاف بين الجنسين، والعمل المناخي والسلام والأمن والتحول الزراعي والتكامل القاري، وتسخير إمكانيات الشباب.

حدد يوسف من جانبه، عدة أولويات، منها: وضع خطط تنفيذية للعشرية الثانية من رؤية أفريقيا 2063، وتحقيق السلم والأمن على المستوى القاري، والتكامل الإنمائي ودعم مبادرة إسكات البنادق، وزيادة التعاون بين المنظمات الإقليمية والقارية، وتشجيع التكامل بين الخطط التنموية الوطنية ورؤية أفريقيا 2063، وتشجيع الرؤى الأفريقية لمواجهة تحديات التغير المناخي، وتوسيع التعاون مع المنظمات والدول الكبرى وغيرهم.

لا تحمل هذه الوعود الكثير من الأفكار الجديدة، فلا تفتقر مؤسسات الاتحاد الأفريقي إلى البرامج والأهداف، لكن ما تفتقده هو مؤسسات فعالة وتمويل مستقل ومستدام. تنبع مشاكل الاتحاد من مشاكل القارة ذاتها، فلا تقبل دول القارة بوجود استقلالية للمفوضية، بل لديهم شكوك حول الإدارة المالية في مؤسسات الاتحاد، لهذا تصرّ الدول على بقاء لجنة الممثلين الدائمين (COREP)، التي تدير الشؤون اليومية للاتحاد، وتقدم تقاريرها إلى المجلس التنفيذي، والتي يتداخل عملها مع المفوضية.

يلخص الباحث حمدي عبد الرحمن المعوقات التي تواجه الاتحاد فيما يلي: المعوقات البيروقراطية، وضعف أو غياب الإرادة السياسية، وغياب الاستقلال المالي، والافتقار الي المصداقية. يقول "ربما يشبه الاتحاد الأفريقي "البطة العرجاء"، ويكرر نفس خبرة منظمة الوحدة الأفريقية التي كانت بمثابة منتدى للكبار".

إلى ذلك، هناك نجاحات للاتحاد في قضايا السلم والأمن، لكن لا تزال المعوقات المرتبطة بالقضايا القارية تتطلب الكثير من أجل تحقيق الأهداف الطموحة للقارة. ويعلق فيليسيتي جيلو على أهمية دور الرئيس المقبل للمفوضية بالقول إنّه "في ظل تزايد المنافسة العالمية وتراجع مساعدات التنمية، سيتوقف الثِّقل الإستراتيجي للاتحاد الإفريقي على قدرة المفوضية على الوفاء بوعودها على الرغم من محدوديتها".