تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاثنين 16 سبتمبر 2024

سياسة

معاناة اللاجئين السودانيين العالقين في إثيوبيا

6 يونيو, 2024
الصورة
الصادق عثمان
الصادق عثمان، 58 عامًا، لاجئ من السودان، يقف لالتقاط صورة على مشارف مخيم أولالا للاجئين الذي تم إنشاؤه حديثًا، بالقرب من ماجانان، على بعد 80 كم من الحدود السودانية في منطقة أمهرة بإثيوبيا، في 28 فبراير 2024. (تصوير ميشيل سباتاري) / وكالة فرانس برس عبر غيت
Share

يدخل اللاجئون السودانيون بإقليم أمهرة شهرهم الثاني من الحصار داخل غابة أولالا، وذلك بعد فرارهم من مخيمي كومر وأولالا، بسبب تعرضهم لخطر الهجوم من قبل المليشيات المسلحة الإثيوبية. بلغ عدد السودانيين الذين عبروا الحدود نحو إثيوبيا، وفقًا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين الأممية، أكثر من 100 ألف شخص، من بينهم 47 ألف لاجئ.

هجمات عنيفة 

تعرض سبعة ألاف لاجئ سوداني بمخيم كومر إلى هجمات من قبل مسلحين، وإلى نهب مسلح وجرائم اختطاف، واغتصاب للسيدات، مما اضطرهم إلى مغادرة المعسكر. وأصدرت تنسيقية اللاجئين بأمهرة بيانًا، في 21 من أبريل/ نسيان الماضي، جاء فيه أن اللاجئين في حال عدم تنفيذ مطالبهم بالإجلاء من المعسكر إلى أماكن آمنة، فسيتوجهون سيرًا على أقدامهم إلى مدينة غوندر الإثيوبية.

في الأول من مايو/ أيار، وبسبب عدم الاستجابة لنداءاتهم، واستمرار معاناتهم، بدأوا في مغادرة المعسكر. لكن، وعلى بعد ثلاثة كيلومترات من المعسكر، قامت السلطات الإثيوبية بإبقائهم داخل إحدى الغابات بمنطقة أولالا قسرًا، فأصبحوا محاصرين في سجنٍ مفتوحٍ، في ظروفٍ إنسانية بالغة القسوة.

يفوق عدد اللاجئين، وفق البيان الصادر عن تنسيقيهم بإقليم أمهرة، في غابات أولالا ومعسكر كومر 6000 لاجئ، وليس 1000 لاجئ كما أشار بيان المفوضية السامية للاجئين. وتضيف التنسيقية بأن الوضع الأمني مازال خطرًا في المعسكرات التي خرج منها أغلب اللاجئين، نظرًا للنشاط العسكري المستمر بين قوات الإقليم والجيش الفيدرالي والمليشيات، فضلًا عن تعرضهم لعمليات القتل والاغتصاب والاختطاف والنهب المسلح والترهيب، من عناصر مسلحة مجهولة. وشكل نقص المواد الغذائية، حسب التنسيقية دائما، تحديًا كبيرًا أمام اللاجئين، بالرغم من وصول بعض الغذاء من قبل السودانيين إلا أنه غير كافٍ. أما السلطات المحلية، فحاولت إرغام اللاجئين على العودة إلى المعسكرات التي فروا منها.

إضراب عن الطعام

 دخل اللاجئون المحاصرون في إضراب قسري عن الطعام، منذ 23 مايو/ أيار المنصرم، وذلك لترك ما تبقى من طعام لأكثر من 2130 طفل، و 327 إمرأة مرضعة. أما عن الوضع الصحي، فالتنسيقية وضحت بأن الدواء قد لا يكفي حتى ذوي الاحتياجات الخاصة والحالات الحرجة.

حصل موقع جيسكا على تقرير من المرصد السوداني لحقوق الإنسان، يتحدث عن نزوح حوالي 7 ألف سوداني من أصل 8 ألف من معسكر الحكومة في إثيوبيا، على الحدود المجاورة للسودان، سيرًا على الأقدام نتيجة تعرضهم للهجوم. وأفاد التقرير بأن اللاجئين بالمخيم يعيشون حالة متردية نتيجة للإهمال، وانعدام أي رعاية صحية أو خدمات مثل المياه الصالحة للشرب وما يكفي من الطعام، ما حول بيئة المخيم إلى وضع كارثي. وناشد المرصد المؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية والوطنية بالنظر إلى وضعية اللاجئين في دولة إثيوبيا، خصوصًا مع تزايد حالات العنف المسلح في الأقاليم التي لجأ لها المواطنون السودانيون.

معاناة متفاقمة

وفق إفادة حصّل عليها "جيسكا" من أحد اللاجئين بمعسكر كومر – الذي طلب إخفاء اسمه لدواعي أمنية – فإن الوضع الأمني في غاية الخطورة في الموقعين؛ كومر وأولالا، ووضح بأن اللاجئين معتصمين في الشوارع والغابة المفتوحة، والتحدي كبير لمواجهة الضرب والنهب الذي قد يشمل حتى اللاجئين داخل المعسكر. 

ويضيف بأن الأوضاع الصحية للاجئين صعبة جدًا، فقد توقفت العيادة الطبية، وامتنعت الفرق الطبية عن المجيء سوى مرة واحدة في الأسبوع، للعمل لمدة لا تتجاوز الساعة أو الساعتين، وذلك خوفا من التهديدات الأمنية. وعبّر عن خوفهم من انتشار وباء الكوليرا، مع بداية فصل الخريف وسقوط المطر، مذكرا بأن الوباء سبق وانتشر هناك في الخريف الماضي، ما يزيد من سوء الأوضاع الصحية. وأفاد بأن عددا من اللاجئين يعانون من أمراض مزمنة، ولا يستطيعون الحصول على علاج. ناهيك عن تواجد معاقين وكبار سن ونساء حوامل ونساء مرضعات وأطفال.

الغذاء مقابل العودة لخطر المعسكر

وفقا لذات المصدر، وصلت وجبات غذاء إلى المعسكر، لكن أغلبية الفارين لم يتحصلوا على حصتهم من الغذاء. وتلقى المحاصرون في أولالا الغذاء قبل 7 أيام، مقرونا بشرط من السلطات المحلية يطالبهم بالعودة إلى المعسكر حتى يأخذوا نصيبهم. لكنهم امتنعوا ورفضوا الغذاء، وذلك مخافة حبسهم داخل المعسكر المطوق بقوات الشرطة الفيدرالية والجيش وحركة فانو، وعن مصادر الشرب أفاد بإن المحاصرين يشربون المياه الملوثة من مصادر غير صحية تمثلت في (الخور)، مضيفا بأن مطالب الناس هنالك تتمثل فقط في الإجلاء من دولة إثيوبيا ككل، وهو ما يعتبرونه مطلبًا إنسانيًا.

أكبر أزمة نزوح في العالم

عدد الفارين من مخيمي كومر وأولالا، بحسب الإحصاءات الصادرة عن تنسيقية اللاجئين بإقليم أمهرة، بلغ 6080 شخص محاصرين داخل الغابة، من بينهم 2133 طفل و1017 امرأة و1719 رجلا و1135 شخصا مريضا و76 فردا من ذوي الاحتياجات الخاصة.

اندلع القتال في السودان منذ منتصف أبريل/ نسيان عام 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأدى الصراع إلى أكبر أزمة نزوح في العالم، حسب وصف منظمة الهجرة الدولية. فقد بلغ عدد المُهَجّرين من ديارهم 10.7 مليون شخص، منهم 9 ملايين نازحا داخليًا، وما يقارب المليونين عبروا الحدود. 

سجل مشروع بيانات أحداث ومواقع النزاعات المسلحة، حسب أحدث إحصاء لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 15,550 حالة وفاة في السودان، وأكثر من 1,400 حادث عنف، استهدف المدنيين في جميع أنحاء البلاد منذ بداية الحرب. وبلغ تعداد من هم بحاجة إلى المساعدات 24.8 مليون في العام 2024.

إقليم مضطرب

يعيش إقليم أمهرة الواقع شمالي إثيوبيا، والمحاذي للسودان من الغرب والشمال الغربي؛ وهو أحد أقاليم إثيوبيا البالغ عددها 12 إقليمًا، أوضاعًا أمنية مضطربة. ففي يونيو/ حزيزان 2019، شهد انقلابًا عسكريًا، أسفر عن مقتل حاكم الإقليم ومستشاره في ذلك الوقت. يعاني الإقليم حاليا من انتشار المليشيات الخارجة عن القانون وتهريب وتجارة السلاح، وتعتبر مليشيات (فانو) أكبر الجماعات المسلحة في الإقليم، وتليها "قيمنت" الموقعة على على اتفاق سلام مع الحكومة، في ديسمبر/ كانون الأول 2022. هذا، وكان الإقليم مسرحا لمواجهات مسلحة بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير التيغراي، أواخر عام 2021، شاركت فيها مليشيات عسكرية غير رسمية إلى جانب الجيش الإثيوبي الفيدرالي ضد جبهة تحرير التيغراي  والقوات الخاصة بالإقليم.