الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
عُقدت الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها ثلاثة مرشحين ونوابهم على منصب الرئيس ونائبه، وعشر جمعيات سياسية من بينها الأحزاب السياسية الحالية على نيل الاعتراف القانوني كأحزاب لمدة عشرة أعوام مقبلة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
حصد عبد الرحمن عيرو مرشح حزب وداني نحو ثلثي الأصوات الصحيحة، يليه الرئيس الحالي موسى بيحي عبدي مرشح حزب كولميه الحاكم بنحو الثلث تقريبًا، ثم في المرتبة الأخير فيصل علي ورابي مرشح حزب أوعيد بنسبة أقل من الواحد في المائة. تنافس المرشحون للفوز بولاية رئاسية مدتها خمس سنوات في اقتراع من جولة واحدة.
وتعقيبًا على فوزه قال عيرو"هذه الانتخابات ليست فوزًا أو خسارة للمرشحين، لقد كانت انتخابات الوحدة والأخوة والدفع بأمتنا إلى الأمام". يكشف فوز عيرو بأغلبية الأصوات عن تطلعات الناخبين نحو التغيير، ويرى البعض أنّ العديد من الناخبين صوت لصالح الأخير عقابًا للحزب الحاكم. أيًا يكن فأمام الرئيس الجديد العديد من القضايا الداخلية والخارجية التي تتطلب نهجًا مغايرًا في ومعالجة سريعة، وعلى رأس هذا الأزمة في إقليم سول والخروج من العزلة الدولية، وقضايا التنمية الاقتصادية والإصلاح المؤسساتي وتعزيز المواطنة والوحدة.
وبدعوة من اللجنة الوطنية للانتخابات شارك العديد من الصحفيين والمنظمات والسفراء المعتمدين لدى مقديشو في مراقبة التصويت وفرز واحتساب النتائج، وحظي الاقتراع بمتابعة من العديد من المسؤولين السابقين في الإدارة الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وهنأت العديد من الدول والمنظمات الدولية صوماليلاند على تنظيم الانتخابات التي اتسمت بالنزاهة، وغردت السفارة الأمريكية في مقديشو عبر منصة إكس "تهنأ الولايات المتحدة شعب صوماليلاند والرئيس المنتخب عبد الرحمن عيرو. إن سجل صوماليلاند المثير للإعجاب في الانتخابات والانتقال السلمي للسلطة يشكل نموذجًا للمنطقة وخارجها".
تنقسم صوماليلاند إلى ستة مناطق هي، مرودي جيح والساحل وأودال وتوغدير وسول وسناج. بلغ عدد الناخبين المسجلين 1.27 مليون ناخب، موزعين على 2637 مقر انتخابي، وتجاوزت نسبة المشاركة 50%. بحسب المراقبين سادت أجواء سلمية ومنضبطة في يوم الاقتراع، على الرغم من المخاوف التي أُثيرت بسبب تسجيل مخالفات خلال الحملات الانتخابية، كان منها مشاركة أفراد يحملون السلاح في إحدى مسيرات الحزب الحاكم والاحتكاك بين مؤيدي الأحزاب المتنافسة، ما دفع باللجنة الوطنية للانتخابات إلى تغريم الحزب الحاكم وإلغاء المسيرات الحزبية الليلية في العاصمة ومناطق أخرى.
ويحوز حزب كولميه الحاكم منصب الرئاسة منذ فوز أحمد محمد سيلانيو في انتخابات 2010، وخلفه الرئيس الحالي موسى بيحي في انتخابات 2017، وشهدت البلاد في عهد الحزب تعطيل الاستحقاقات الانتخابية عن مواقيتها الدستورية، حيث عُقدت الانتخابات بعد عامين من التأجيل. إلى ذلك، يعتبر طول أمد حزب كولميه في الرئاسة أحد العقبات التي واجهت مسعى بيحي للفوز بولاية ثانية، حيث تطلع الناخبون إلى التغيير بعد 14 عامًا شهدت خلالهم البلاد اضطرابات سياسية وأعمال عنف وتراجع الحريات واعتقال شخصيات بارزة في المعارضة، فضلًا عن الاستياء الشعبي جراء تراجع الأوضاع المعيشية. بالإضافة إلى إخفاق بيحي في تحقيق وعده بنيل الاعتراف الدولي بعد توقيع مذكرة التفاهم مع إثيوبيا، وسوء إدارة الأزمة في لاسعانود.
في سياق متصل، ينصّ دستور صوماليلاند على أنّ "عدد الأحزاب السياسية يجب ألا تتجاوز الثلاثة"، ويوضح قانون "تنظيم الجمعيات والأحزاب السياسية"، لعام 2011، آليات تطبيق ذلك، من خلال عقد انتخابات الجمعيات السياسية كل عشرة أعوام. تتأهل الجمعيات الثلاث المتصدرة للنتائج لتصبح أحزاب سياسية مُعترف بها، ويكون لها الحق الحصري في التنافس في كافة الاستحقاقات الانتخابية. وهذه الأحزاب المُعترف بها منذ العام 2012، هي: حزب التضامن الحاكم "كولميه"؛ ذي التوجهات اليمينية الليبرالية، وحزب العدالة والرفاه "أوعيد" القريب لليسار الاجتماعي، والحزب الوطني "وداني" صاحب التوجهات القومية الشعبوية المحافظة. يعتبر حزبا أوعيد وكولميه من أطول الأحزاب السياسية عمرًا، منذ تأسيسهما في 2001 و2002 على التوالي، وانضم إليهما حزب وداني بعد تأهله في انتخابات 2012.
عُقدت انتخابات الأحزاب للمرة الأولى في 2001، حيث تأهل حزبا أوعيد وكولميه، وانضم إليهما حزب وداني بعد فوزه في انتخابات 2012، وفي الانتخابات الأخيرة حافظ حزبا وداني وكولميه على موقعهما بينما خسر حزب أوعيد لصالح جمعية كاه الصاعدة. خاضت الأحزاب الثلاثة إلى جانب سبع جمعيات سياسية منها جمعية التحالف من أجل المساواة والتنمية المعروفة بـ كاه (KAAH) التي عقدت تحالفًا مع حزب وداني وهورسيد (HORSEED) حليفة كولميه منافسة شديدة.
تعتبر انتخابات الجمعيات السياسية فريدة من نوعها، فهي غير معروفة خارج صوماليلاند. بحسب اللجنة الوطنية للانتخابات يهدف هذا النظام الذي يتم تجديده كل عشر سنوات إلى "تعزيز الاستقرار السياسي والحد من التشرذم ومنع انتشار الأحزاب العديدة التي قد تؤدي إلى الجمود السياسي أو الفوضى السياسية". من جانب آخر، تنتقد أصوات عديدة حصر الأحزاب الرسمية بثلاثة فقط، وتطالب بتعددية سياسية مفتوحة تمنح فرصة أكبر للجميع للتعبير عن تطلعاتهم السياسية والمساهمة في إدارة البلاد.
وفقًا للنتائج، يتعين عن نواب حزب العدالة والرفاه "أوعيد" في مجلس النواب الذي خسر صفته القانونية الانضمام إلى واحد من الأحزاب الثلاثة المُعترف بها. جدير بالذكر أنّ المرشحين الثلاثة لرئاسة الجمهورية سبق وخاضوا المنافسة في 2017، وفاز بيحي في الانتخابات السابقة بأكثر من نصف أصوات الناخبين الصحيحة، وتبعه عبد الرحمن عيرو بنسبة 40.7%، ثم فيصل علي ورابي بـ 4.1% فقط.
نجحت صوماليلاند في اختبار التداول السلمي للسلطة، فقد اعترف المرشحون بنتائج الانتخابات، ولم تشهد البلاد أعمال عنف أثناء وبعد الاقتراع. وحظيت الجمهورية غير المعترف بها بإشادات واسعة من الدول الغربية والمنظمات الدولية، باعتبارها نموذجًا فريدًا ومثالًا يُحتذى به للعديد من البلدان الأفريقية التي تشهد صراعات دامية بسبب التنافس على السلطة.