تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الاثنين 16 سبتمبر 2024

حوارات

احتمالات تعيين عبد القادر مؤمن كخليفةٍ لتنظيم الدولة الإسلامية.. حوار مع كريستفور أنزالون

8 يوليو, 2024
الصورة
Abdiqadir Mumin
This picture taken on September 1, 2016, in Nairobi shows a computer screen displaying the portrait of Somali-born cleric Abdulqadir Mumin, accused of heading the Islamic State group in East Africa. (Photo credit should read SIMON MAINA/AFP)
Share

بعد التقارير التي ذكرت أن عبد القادر مؤمن هو الزعيم العالمي لداعش، أجرت جيسكا مقابلة مع الخبير كريستوفر أنزالون لمناقشة نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال المتنامي في شبكة تنظيم الدولة الإسلامية وفحص مصداقية تلك التقارير.

في 31 مايو، أصدرت أفريكوم (القيادة الأمريكية في إفريقيا) بياناً روتينيّاً على نحوٍ ما عن غارة جوية شنتها على مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في داردار؛ بلدة تقع على بعد أقل من 100 كيلومتر من بوساسو ببونتلاند. والتزم البيان بأسلوبيّة رسائل أفريكوم: جرت بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية، ولم تقع إصابات في صفوف المدنيين (كالعادة)، وأُكد تصفية ثلاثة مسلحين.

أسبوعان لاحقاً، أتبع أحد الصحفيين في شبكة إن بي سي نيوز ذلك بتقريرٍ ذي مآلات غير عاديةٍ إذا كان صحيحاً. وذكرت كورتني كوبي، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين لم تذكر أسماءهما، أن الولايات المتحدة استهدفت زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، عبد القادر مؤمن، في الغارة؛ والذي كان على الأرجح أيضاً الزعيم العالمي لتنظيم الدولة الإسلامية، وفقًا لهؤلاء المسؤولين. يتأتّى من ذلك أن القيادة المركزيّة لتنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق وسوريا—والتي أبدت اهتماماً أكبر بإفريقيا في الآونة الأخيرة—قد تخلّت بشكلٍ صريح عنهما ونقلت حقوقها إلى القارة التي ينشطون فيها على نحوٍ كثيفٍ. أثار ذلك بعض الدهشة بين الخبراء المطلعين على التنظيم، حيث بدا غير محتملٍ ومثيراً للدهشة تماماً.

لذلك، رتّبنا مقابلة مع كريستوفر أنزالون، وهو خبير بارز في شؤون الجماعات الجهادية على مستوى العالم، وخاصة تلك النشطة منها في الصومال. وهو أستاذ مساعد وباحث في مركز كرولاك لدراسات الشرق الأوسط بجامعة مارين كوربس. 

هاهنا تساؤلاتنا له حول أصول تنظيم الدولة الإسلامية، واحتمال اختياره لعبد القادر مؤمن ليكون قائداً للتنظيم وكذلك طبيعة عملياته في الصومال 

وإفريقيا على نحوٍ أوسعَ. الآراء المعبّرُ عنها هاهنا هي آراؤه هو الخاصّةُ.

فيصل علي: لنبدأ رأساً. هل يمكنك إخبار قرائنا قليلاً عن فرع تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال؟ معظم الناس لا يعرفون الكثير عن وجوده هناك أو لا يعتبرونه مصدر قلقٍ أمام فرع تنظيم القاعدة الأقوى بكثيرٍ—حركة الشباب—في الجنوب. كيف ظهر في الصومال، وما مدى قوته مقارنةً بأقرانه الآخرين في تنظيم الدولة الإسلامية على مستوى العالم؟

كريستوفر أنزالون: ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال عام 2015 عندما انشق بشكلٍ علني عبد القادر مؤمن—وكان آنذاك خطيباً بارزاً من بوتلاند في حركة الشباب—وتعهد بالولاء للزعيم "المركزي" لتنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي. استفاد مؤمن على نحوٍ كبيرٍ من ارتباطاته العائلية والعشائرية في بونتلاند في عملية التجنيد. كما استطاع تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال جذب بعض مقاتلي حركة الشباب وقادةً من المستوى المتوسط ​​فانشقوا—وإن خضع هؤلاء المنشقين غالباً للملاحقة فسجنوا أو قتلوا في النهاية من قبل حركة الشباب. وعلى الرغم من أنه ما يزال تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال يمتلك بعض الخلايا في جنوب الصومال حيث ينتزع ابتزازاً الأموال من التجار ورجال الأعمال، معقله يوجد، وكان دوماً، في بونتلاند، وخاصّة في جبال گوليس وما حولها.

فيصل علي: لم انشقت عن حركة الشباب؟ هل تعلّق الأمر باختلافٍ إيديولوجيّ مع قادة حركة الشباب أم كان مجرد حالةِ صداماتٍ شخصيّة لا يمكن إيجاد حلول لها مع وجود فرصة لتحصيل حظوةٍ من خلال فرعٍ محلّي جديدٍ تابعٍ للدولة الإسلاميّة؟

كريستفور أنزالون: الأسباب وراء انشقاق مؤمن ليست جليةً تماماً. فقد لعب دوراً عموميّاً بارزاً إلى حدٍ ما في "الدبلوماسية" العامة لـ حركة الشباب—على سبيل المثال، كان أحد مسؤولي حركة الشباب المكلفين بالتفاوض مع شيوخ العشائر المحلية في وخارج مقديشو بين 2011-2012 عندما كانت تواجه حركة الشباب انتكاساتٍ خطِرةٍ—ولكن، ربما اعتقد أنه بالانشقاق ستفتح أمامه، إذا جاز التعبيرُ، آفاق أفضل في التّقدم الوظيفي. وجاء انشقاقه أيضاً في وقت كان فيه اسم تنظيم الدّولة الإسلامية المركزي متداولاً على المستوى العالمي بعد سقوط الموصل واجتياح التنظيم السريع لأجزاء من العراق وسوريا، مما جعل وجوده يبدو حتمياً وخاصة في ظل نزاعه العنيف على نحو متزايدٍ مع تنظيم القاعدة الأساس وفروعه وحلفائه الإقليميين. وعلى الرغم من أن مؤمن قدم أسباباً إيديولوجية—لا يجب استبعادها—فطموحاته، من الوارد جداً، الشخصية، وربما الصراعات الداخلية على السلطة في قوات بونتلاند التابعة لحركة الشباب لعبت أيضاً دوراً في قراره بالانشقاق.

وربما حسب أيضاً أنه سيتجنّب العواقب الوخيمة من حركة الشباب كون الجماعة ضعيفة، من حيث قدراتها، بشكلٍ كبيرٍ في بونتلاند مقارنة بمعظم مناطق جنوب الصومال وأجزاءٍ من وسطه. كان مؤمن محظوظاً أيضاً لأن محاولة حركة الشباب في مارس/آذار 2016 إنزال قواتٍ عن طريق البحر—600 مقاتل، وفقاً لمسؤولين حكوميين إقليميين صوماليين، وهو عدد يفوق بكثير مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال الذين يقدر عددهم بـ 150-200 مقاتل—أحبطت نظراً لسوء تخطيط المتمردين وتدخلات قوات الأمن التابعة لإدارات الدولة الإقليمية في بوتلاند وغالمودوغ.

فيصل علي: قدّم لنا تقرير حديث صادر عن مجموعة الأزمات الدولية وصفاً تفصيليّاً للدّعم اللّوجستي والمالي من تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا لفروعه في شمال نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد. وأتى جزء كبير من ذلك الدّعم فنّياً، انطلاقاً من تحرير الفيديو حتّى تعريفهم على الأسلحة المختلفة. هل نعرف الكثير عن طبيعة العلاقة بين تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال والقيادة المركزيّة؟

كريستفور أنزالون: فيما يتعلق بالتفاصيل الدقيقة، ما يزال الكثير عن طبيعة العلاقة بين تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال والتنظيم المركزي مجهولاً. ومع ذلك، فقد عرض فيما سبق تنظيم الدولة الإسلاميّة المركزي كيف يشتغل هيكله الإداري والتنظيمي الداخلي—على الأقلّ نظرياً—لربط التنظيم المركزي بفروعه الإقليمية، بما فيهم فروعه في إفريقيا. حقق تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال تطوّرات كبيرةٍ في عملياته الإعلامية بين عامي 2015 و2017. فأوّل مقاطع الفيديو لتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال عُرضت إما دون الشعار الرسمي لتنظيم الدولة الإسلامية أو من خلال فرعٍ إعلامي تابع لتنظيم الدولة الإسلامية يستخدم غالباً لنشر مقاطع فيديو تتناول قضايا وأحداثٍ خارج الشام والعراق. وفي غضون عامين، دُمج تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال ووسائل الإعلام التابعة له على نحوٍ كاملٍ في المنظمة الإعلامية الرسمية لتنظيم الدولة الإسلاميّة المركزي؛ وكانت جودة الإنتاج والأساليب السردية تتطابق بشكلٍ مماثلٍ مع الإنتاج الإعلامي للفروع الأخرى التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية داخل إفريقيّا وخارجها. فيما يتعلق بالقدرات العسكرية، لا يُلاحظ تغيير كبير، وذلك أمرٌ غير مفاجئ نظراً لأنّ المجموعة الرئيسة الأولى التي بنت تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال جاءت من حركة الشباب ومن المحتمل أنّها لا تعدم معرفةً بالأسلحة.

فيصل علي: في 15 من يونيو، أفادت شبكة أن بي سي أن الولايات المتحدة استهدفت عبد القادر مؤمن، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال. ثمّ، زعم مسؤولان أمريكيان مجهولان في ذلك التقرير أنّه هو أيضاً الزعيم العالمي للتنظيم، خلفاً لأبي الحسن الهاشمي القرشي. تحوم شكوكٌ حول هذا الأمر لأسبابٍ منها أن الصومال ليس في الواقع مُرتكز أنشطة التنظيم. حتى أن أحد الخبراء أشار إلى أن التنظيم ببساطةٍ ليس مستعداً لزعيم أسود. ما رأيك حول احتمال أن يكون مؤمن الزعيم الحالي للتنظيم؟

كريستفور أنزالون: يبدو جلياً أن تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، الذي يقوده مؤمن (إذا لم يُقتل مؤخراً)، غدا فرعاً للتنظيم ذا أهميةً كبيرةً من حيث الإدارة المالية والتنسيق عبر مكتب الكرّار. ومحتملاً أن هذا يتضمن أيضاً منحه دوراً محورياً في الشبكة الأوسع للدولة الإسلامية ترقيه إلى منصب أمير التنظيم المركزي، سوى أنّ ذلك سيضع التنظيم أمام تحدياتٍ كبيرة. وعلى رأس تلك التحديات هو حقيقة أن مؤمن ليس، ولم يزعم حتّى الآن أنه، سليل مباشرٌ للنبي محمد (سيّد). أن تكون من أصل قرشيٍّ، كان، حتى هذه اللحظة، شرطاً (على الأقل كنسبٍ مزعومٍ) لكل من يُسمّون "خلفاء" الدولة الإسلامية، ثمّ إنّه بشكل أعم، مطلب تاريخي متّفق عليه على نطاق واسع في التصورات السّنية حول من يكون خليفةً. ليس هذا في حد ذاته عنصرية، ولكنه إقصائي فيما يتعلق بمن يستطيع ومن لا يستطيع أن يكون "خليفة".

إن وضع مؤمن كشخصٍ ليس "سيّداً" سيخالف حشداً هائلاً من خطابات وبروباغندا الدولة الإسلامية، بما فيها الرسائل والمنشورات السياسية والعقائدية. وعلى الرغم من خطاب الأخوّة الذي يستخدمه تنظيم الدولة الإسلامية عن غياب أي نوعٍ من الانقسامات أو التمايزات بين المسلمين—الذين ينبغي أن يجمعهم في المقام الأول معتقدهم الديني المشترك—فالواقع غالباً مختلفٌ.

ونلاحظ تقارير أخرى تفيدُ بأن كبار القادة الأساسيين في تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك الأمير/"الخليفة" الحالي أبو حفص الهاشمي القرشي، انتقلوا ربما إلى بونتلاند نظراً لأنّ البيئة هناك تترك هامش حرية أكبر للقيام بعملياتٍ. وتنظر بعض الأسئلة في هذه التقارير في مدى قدرة بوتلاند على توفير بيئة عملياتيّةٍ أسهل من سوريا والعراق. فمن ناحية، كان وما يزال يمارس ضغط كبير على التنظيم في البلدين الأخيرين، حيث قُتل “الخلفاء” الثلاثة السابقون في سوريا. ربما أيضاً تكون الأجزاء الجبلية والتلالية لبونتلاند جذابةً جغرافيّاً، وقد تكون أيضاً المنطقة آسرة لكبار قادة تنظيم الدولة الإسلامية كمكانٍ يمكّن من التواجد على مقربةٍ من الفروع التابعة للتنظيم والتي تعتبر حالياً الأكثر حيويةً على المستوى العالمي: الفروع في منطقة الساحل، نيجيريا، موزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية، جنبًا إلى جنب مع تنظيم الدولة الإسلامية—ولاية خُراسان. ثمّ إنّ تكثيف التجنيد الذي أعلن عنه تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، والذي يستهدف الإثيوبيين بشكلٍ خاصٍ، قد يخلق أيضاً من بونتلاند قاعدة جديدة مغريّةً.

ومع ذلك، تواجه بونتلاند أيضاً تحدياتها الخاصة، على رأسها العدد القليل نسبياً من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال. وعلى الرغم من موقعها الأقوى في شمال–شرق الصومال، إلا أنها ما تزال في  المركز الثاني بعد حركة الشباب. ثمّ، إنّ قرب بونتلاند من البحر الأحمر وباب المندب، إلى جانب الوجود العسكري الأمريكي المتزايد الهادف إلى مواجهة الحوثيين في اليمن، قد يلفت انتباهاً غير مرغوب فيه لتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال ولأيّ قادة أساسيين في تنظيم الدولة الإسلامية انتقلوا إلى هناك. وعانى العديد من شخصيات القاعدة غير الصوماليين في السابق من كون الصومال بيئة صعبة للعمليّات بدون بناء روابط مع العشائر، وذلك شيء يحسن تقديمه مؤمن وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال لكبار قادة الدولة الإسلامية من سوريا والعراق.

فيصل علي: تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال صغير نسبيّاً من حيث العدد، إذ تشير التقديرات إلى أن عدد مقاتليه لا يتجاوز 200 مقاتلاً. ومع ذلك، فهو، كما نُخبّر بشكلٍ متكررٍ، يلعب دوراً محوريّاً في تسييل الأموال إلى الجماعات الأخرى التابعة لتنظيم داعش في المنطقة. مالمعروف عن آليّات هذا الجانب من عملياته، وما مدى أهمية دوره كجسرٍ بين قادة تنظيم داعش وفروع التنظيم في إفريقيا؟

كريستفور أنزالون: لا يوجد متاحاً سوى معلومات محدودةً تفصّل الروابط والعمليات الدقيقة بين مركز تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا/العراق وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال. أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية، عام 2023، بعض التفاصيل حول الطريقة التي يحقق بها تنظيم الدّولة في الصومال الإيرادات: على نحوٍ أساسٍ من خلال ابتزاز الشركات، بما في ذلك خدمات تحويل الأموال عبر الهاتف الخلوي، والبنوك، والمؤسسات المالية الأخرى، ثمّ "فرض الضرائب" على الماشية، المنتجات الزراعية والتجّار، وغالباً في بوساسو و، أيضاً، في مقديشو. ثمّ يعمد تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال إلى غسيل أمواله، التي تقدر بملايين الدولارات، قبل تحويل بعضها إلى فروعٍ أخرى تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في أنحاء إفريقيّا. وفي وقت سابق من هذا العام، أفادت وزارة الخزانة الأمريكيّة بأن تنظيم الدولة الإسلامية استخدم البنوك الجنوب إفريقيّة والخلايا المتمركزة هناك في تحويل الأموال إلى تنظيم الدولة الإسلامية في وسط إفريقيّا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في حين استخدما تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال وتنظيم الدولة الإسلامية في الموزمنبيق شركات تحويل الأموال. كما تحصّل الجماعات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في إفريقيّا المال من ابتزاز المزارعين والرعاة، وفرض الضرائب على مناجم الذهب غير القانونيّة وتشغيل مناجم حِرفيّة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وعلاوة على ذلك، يفرضون ضريبة "الزكاة" على المسلمين النيجيريين المقيمين في منطقة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا في شمال شرقي نيجيريا.

فيصل: يتزامن القلق المتزايد بشأن داعش الصومال مع توسيع تنظيم الدّولة الإسلاميّة عملياته في جميع أنحاء إفريقيا، حيث يعتبرها بيئة أكثر ملاءمةً لتوطيد نفسه فيها ولتنظيم عملياته. وعلى الرغم من اختلاف السياقات وتمايز مستويات النجاح، فقد نجحوا في توطين أنفسهم في صراعات أحياناً شديدة المحلّية . فما الذي يجعلهم قِبلةً؟

كريستفور أنزالون: يظهر كل من تنظيم الدولة الإسلامية والفروع التابعة لتنظيم القاعدة في إفريقيّا نهجاً هجيناً في إيديولوجياتهم التنظيمية وقراراتهم العملياتيّة. ويميلون إلى تحقيق نجاحٍ كبيرٍ عندما يمزجون أفكارهم وخطاباتهم ذات البعد العالمي مع المظالمِ المحلّية أو الإقليمية. على سبيل المثال، تقدم حركة الشباب نفسها كبديلٍ راهنٍ—وإن لم يتمتّع بشعبيّةٍ—لحكومة اتحادية صومالية ضعيفةٍ أو غائبةٍ. وفي الوقت عينه، فإن نزعتهم العابرة للحدود الوطنية منحتهم، تاريخياً، تفوّقاً على المنافسين المحليين ذوي الإيديولوجيات الدينية المماثلة؛ على نحو تحالف حزب الإسلام الذي كانت مجموعاته مرتبطةً بشكلٍ كبيرٍ بعشائرَ وقبائلَ محدّدة.

ولتحقيق النجاح، لا تحتاج هذه الجماعات بالضرورة إلى كسب تأييد جميع المدنيين؛ كلّ ما هم بحاجةٍ إليه ببساطةٍ هو إقناعهم بتحمّل وجودهم وحكمهم، بدلاً من التمرد عليهم. وتسعى أيضاً الجماعات المتمرّسة إلى إقناع السكان المحليين بقدرتهم على الحفاظ على بعض مظاهر القانون والنظام، وبتوفيرِ آلياتٍ للوساطة ولحلّ النزاعات مع تقديمِ خدمات ومساعدات محدودةٍ. وتضع أيضاً هذه الجماعات، على المدى الطويل، الحسّاسيات المحلية، إلى حدٍ ما، في الاعتبار، وتتعامل مع شرائح من المجتمع المدني. ولا يجب أن يفهم من هذا أن المدنيين المحليين لديهم كلمةً أو قراراً، ولكنّ تأثيرهم يمكن أن يكون كبيراً على الجماعات التي تدير نجاحاً طويل الأمد، مثل حركة الشباب.